نشرت في صحيفة الإمارات اليوم بتاريخ 21/4/2012
ماذا أكتب ؟!وكيف أعبر ؟! إذا كان الحديث عن موضوع مؤثر للغاية ، قديم متجدد ولابد أن يتجدد فإن لم يكن حديثنا وكلامنا عن هذا الموضوع فاعلموا معاشر القراء أننا في دائرة الخطر ، إن هذا الموضوع هو : بر الوالدين ، وكلنا يعرف أهمية بر الوالدين ولكن الذكرى تنفع المؤمنين ، ومهما قدمنا لهما فسنظل مقصرين للغاية ، لا أخفيكم أني اشعر برغبة كبيرة بالبكاء عندما أتكلم عن أمي وتقصيري معها وكذلك عندما أتكلم عن أبي ، ولن نعرف قدرهما إلا إذا قدر الله عز وجل ورحل أحدهما عن هذه الدنيا .
فكر في هذه الأم التي حملتك تسعة أشهر ، تبكي فتأتي مسرعة تخاف عليك ، وتحمل همك في حال مرضك ، وإذا حققت نجاحا في الحياة فلا يوجد من هو أسعد منها ، وإذا قدر الله ووقع عليك مكروه فقد يتوقف قلبها خوفا عليك.
انظر إلى هذا الرجل الكبير المسن إنه والدك الذي تعب لأجلك ويفرح لفرحك ، لا تظن بأنه ينتظر منك درهما أو مالا فكثير من الآباء ولو كان فقيرا معدما لا ينتظر من أبنائه إلا الاحترام والحب والعطف والحنان ، فما أجمل أن تقبل رأسه إذا دخلت المنزل ، وتأخذه معك إلى الصلاة ، وتقول له : أحبك يا والدي ، فهذه المشاعر الطيبة منك كم ستفرحهما .
اغرس في أبنائك بر الوالدين بأقوالك وأفعالك ، وكن قدوة حسنة لهم ، حدثهم أنك تقوم بهذا الأمر ابتغاء الأجر من الله ، فقد يكون أحد الوالدين في بعض الأحيان قاسيا مقصرا مفرطا فبين لأبنائك أنك تفعل هذا الأمر لوجه الله ، وما عند الله خير وأبقى.
ومن الناس من يستمر بره بوالديه بعد موتهما فيوقف عنهما الأوقاف المختلفة ، ويتصدق عنهما بالصدقات الجارية ، ويحج عنهما إذا لم يحجا ، ويصل أقارب وأصدقاء والديه ، ويضيف إلى ذلك الدعاء الكثير العظيم لهما فهنيئا لمن كان هذا حاله.
وبعض الناس هداهم الله وقعوا في عقوق عظيم للوالدين ، فتسأله متى جلست مع والدك آخر مرة ؟ فيجيبك بقلة حياء من الله : لا أذكر ، وبعضهم قد يتمادى ويزين له الشيطان فيرفع صوته على أمه وأبيه وأحيانا يفعل ما هو أسوء من ذلك ، ثم يأتيك متسائلا لم لا أعيش سعيدا ؟ فحياتي كلها هموم وأحزان وقلة توفيق ، ولو فكر في ذنبه وجرمه لعرف السبب بنفسه.
وكما أن البر من أعظم أسباب الخير فكذلك العقوق من أعظم أسباب الإثم والشر وقلة البركة والتوفيق ، والأيام حبلى فمن عق والديه عقه أبناؤه في المستقبل ، وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل أو برهان لشهرته واستفاضته.
وختما لا يسعني إلا أن أقول : رب ارحمهما كما ربياني صغيرا .