نشرت في صحيفة الإمارات اليوم بتاريخ 31/8/2013
من تأمل في الكتاب والسنة يجد أن إصابة الإنسان بمس أو سحر أو حسد أو أي مرض آخر أمر وارد جداً، ولكن الإسلام وهو الدين الشامل لجميع مسائل الحياة بيّن لنا كيف نتعامل مع هذه الأمراض إن قدر الله ووقع على الإنسان شيء منها، فمن المهم في علاج مثل هذه الحالات بذل كل الأسباب من ناحية التداوي والعلاج، فبعض الناس قد يتصور أنه وقع عليه مس من الجن أو سحر أو حسد، ولكنه لو راجع المستشفى لوجد أنه مصاب بمرض لم يتوقعه، وأيضاً بالإضافة إلى التداوي علينا جميعاً أن نحصن أنفسنا بقراءة القرآن الكريم والأدعية الشرعية وأذكار الصباح والمساء، والرقى الواردة في السنة النبوية فكم فيها من خير عظيم في دفع الشر عن الإنسان وحفظ الله تعالى له، وهذا أمر قد يغفل عنه بعض الناس، فلا يحصنون أنفسهم ولا أبناءهم ولا يذكرون الله إلا بعد وقوع البلاء عليهم! مع أنه ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة».
وإذا تبين للإنسان أن به أمراً غير طبيعي وبذل السبب في التداوي فعليه بعلاج نفسه من خلال الرقية الشرعية، وهي عبادة وقربة جليلة وهي سهلة ميسرة للجميع بإذن الله، ولكن آفة بعض الناس الكسل وقلة العمل! فلا يرقون أنفسهم بل يبحثون مباشرة عن الرقاة، وكلما كان علاجهم أسرع كان في نظرهم أفضل! والأمر الذي يجب الانتباه إليه أن بعضهم يعلق قلبه ببعض الرقاة ويظن أن الشفاء بيدهم! وهذا منكر عظيم.
إن الرقية الشرعية تكون من خلال الأذكار الواردة في الكتاب والسنة، فلو قرأ الإنسان على نفسه سورة الفاتحة وآية الكرسي وخواتم سورة البقرة وسورة البقرة والمعوذات، وغير ذلك من آيات القرآن العظيم بصدق مع الله لوجد في ذلك تأثيراً عظيماً، يقول ابن القيم عن الرقية بالأذكار الشرعية: « وهو أسهل دواء وأيسره، ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيراً عجيباً في الشفاء، ومكثت بمكة مدة تعتريني أدواء ولا أجد طبيباً ولا دواء فكنت أعالج نفسي بالفاتحة فأرى لها تأثيراً عجيباً، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً، وكان كثير منهم يبرأ سريعاً»، وكذلك يرقي الإنسان نفسه بما صح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى، ويقول: اللهم رب الناس أذهب البأس أشفه وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً»، فعلينا جميعاً أن نرقي أنفسنا بأنفسنا ونحذر أشد الحذر من الذهاب للسحرة والكهان والدجالين، وعلينا أن نتحرى عن الرقاة الثقات ونسأل عنهم قبل الذهاب إليهم.