نشرت في صحيفة الإمارات اليوم بتاريخ 17/11/2012
للقلوب على اختلاف أنواعها وما فيها من مشاعر مفاتيح مهمة جداً لكسبها، ومن أعظم هذه المفاتيح حسن الخلق، فهذه العبادة نعرفها جميعاً، ولكن الإشكال كل الإشكال في تطبيق هذه العبادة الجليلة.
فعندما يدخل الزوج إلى المنزل فيبادر زوجته بالكلام الطيب والحسن، والسؤال عن الأبناء، وعلى أقل تقدير مشاركتها ولو بالكلام فقط في الأمور المتعلقة بالمنزل وتربية الأبناء، وبعد ذلك يشكرها على ذلك بالكلمة الطيبة والهدية المعبرة، ويغلف هذا العمل بقالب صادق من المشاعر الطيبة، ثقوا تماماً معاشر الأزواج أن القلوب تُملك بهذه الطريقة الجميلة الحسنة، فالزوجة والأبناء لا ينتظرون منك شيئاً مادياً بالدرجة الأولى، وإنما ينتظرون منك مشاعرك الصادقة وحسن خلقك معهم.
وكذلك لو وجد الزوج الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة من زوجته، خصوصاً بعد يوم عمل حافل ومتعب، لتغير بالفعل واقع بعض البيوت، فمن الزوجات من تعامل زوجها بحسن خلق عظيم جداً، فلايزال يذكر لها هذا المعروف والإحسان إلى أن يفارق الدنيا، وإذا كانت المرأة سيئة الخلق شرسة الطباع، فانظر إلى الجحيم العظيم الذي سيعيشه هذا الزوج المسكين.
وعندما نتحدث عن امتلاك القلوب، فإن الحديث يقودنا إلى الكلام عن امتلاكها في الدوائر والمؤسسات الحكومية، وهذا ما يعرف بالولاء المؤسسي، إذا أردنا أن نستخدم المصطلحات الإدارية الصرفة، فكم من موظف لو دعي إلى عمله بعد منتصف الليل لحضر وهو طيب النفس، ولو لم يعط أي بدل مالي على العمل الإضافي، لأنه وجد من مديره نبلاً في الأخلاق والطباع، وأذكر مرة أني سألت أحد الموظفين عن مديره السابق، فكادت عينه أن تدمع، ثم بدأ يتكلم عن مديره بإعجاب كبير جداً، لأنه كان يشجعهم ويقف معهم ويشاركهم هموم العمل ويخفف عنهم.
لقد حول بعض المديرين دوائرهم الحكومية إلى خلية نحل تضج بالحماس والهمة الكبيرة، لأنه يعلم أن للموظفين مشاعر لابد أن تخاطب، فالمدير الناجح يعلم أن الموظف ليس هدفه المال فقط، بل من أعظم ما يحقق الولاء المؤسسي الاحترام والتقدير للموظف، فمن اجتهد في عمله فإنه ينتظر شكراً ولو بكلمة طيبة، خصوصاً إذا كان هذا الشكر متميزاً في وقته وأسلوبه، وهنا يظهر الفرق الكبير بين المدير المبدع والمدير العادي، ففي بعض الأحيان قد يفكر الموظف طويلاً في الانتقال إلى وظيفة أخرى، ولو وجد عرضاً وظيفياً أفضل من دائرته ومؤسسته، لأن مؤسسته الأولى امتلكت قلبه فعلاً وصدقاً، وفي بعض الأحيان يتمنى الموظف أن يرحل من مؤسسته في أي لحظة، لأنه يعلم أن هذه المؤسسة لا تعرف للمتميز الفضل ولا تبادره الشكر.
لقد حول بعض المديرين دوائرهم الحكومية إلى أجساد بلا أرواح، فلا إبداع ولا تجديد ولا همة ولا جدية، بينما نجد في الطرف الآخر من يقود موظفيه للتميز والإبداع، فهل عرفتم، رعاكم الله، الأثر الإيجابي الكبير الذي سنجنيه إذا عرفنا فعلاً وصدقاً كيف تملك القلوب؟