:الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين أما بعد
…فمن ألطاف الله العظيمة بعبده المقصر أن يسر له أداء حج هذه السنة 1432هـ وهذه النعمة العظمية الجليلة تحتاج إلى شكر عظيم لله رب العالمين فاللهم ربي لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى
…توجهنا إلى مطار دبي الدولي والتقيت هناك بالمجموعة كلها وكانوا إخوة من أفاضل الناس من مختلف الدوائر الحكومية في دبي ، أعرف قليلا منهم ولا أعرف أكثرهم ، ومن فوائد الحج : الألفة والتعارف والإخوة في الله
…بدأت الرحلة والبداية تكون بدعاء السفر والذكر والدعاء من أسباب البركة والتيسير كما لا يخفى على الجميع
وصلنا للمدينة النبوية ووصلنا للفندق قبيل أذان الفجر ، ورأى الإخوة الكرام أن نذهب لصلاة الفجر قبل توزيع الغرف ونعم الرأي رأيهم فالصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم هذه هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم ونحن في …مدينة النبي عليه الصلاة والسلام
والمدينة النبوية مدينة مباركة وهي طيبة وطابة ، تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد
ويستحب فيها الصلاة في المسجد النبوي والروضة الشريفة ثم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع التنبيه والتأكيد أن المستحب هو السلام فقط والدعاء والعبادة إنما تكون لله الواحد القهار جل جلاله .
كما يُستحب في المدينة النبوية زيارة البقيع والصلاة في مسجد قباء والسلام على شهداء أحد
وكانت الدروس التوعوية تعقد كل يوم للإخوة الكرام الأفاضل ، ووجدتُ منها استجابة كبيرة جزاهم الله خيرا … وقد عاونني في إلقائها الدكتور الكريم قطب عبدالحميد من دائرة الشؤون الإسلامية بدبي جزاه الله خيرا
ثم بعد يومين تجهزنا للسفر إلى مكة المكرمة وقد أخبرتُ الإخوة الأفاضل بأن حج التمتع هو الأفضل والأيسر للجميع فاستجابوا جميعا إلا اثنين منهم
ولبى الجميع وأهلوا بالتوحيد : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك
وفي الطريق شرحتُ لهم معنى هذا الذكر العظيم فالتلبية شعار الحج وفي الحديث الصحيح : أفضل الحج العج [ وهو الإكثار من التلبية ] والثج [ وهو إراقة دم القرابين لله عزوجل
فالمسلم يأتي بهذا الذكر العظيم وفي الحمد لله جل جلاله فهو الذي يسر لنا هذه الرحلة المباركة
وفي التلبية بيان أن العبادة كلها لله عزوجل والمسلم يبرء من الشرك بجميع صوره وأشكاله فلا يحلف إلا بالله
ولا ينذر إلا لله
ولا يذبح إلا لله
ولا يسجد إلا لله
ولبى الإخوة الكرام ورفعوا أصواتهم بالتلبية
ثم وصلنا إلى مكة المكرمة قبيل المغرب فارتحنا إلى بعد صلاة العشاء ثم توجهنا إلى الحرم لأداء العمرة ، وقد ذهب معي للعمرة العدد الكبير فكان عددهم قرابة 15 شخص … ووجدت منهم حريصا عجيبا على تطبيق السنة ، وقلة الكلام أثناء الطواف والسعي
وبعد العمرة ذهبنا إلى الحلاق فتقدمني رجل ليس من حملتنا وقال للحلاق : احلق شعر رأسي
فقلتُ له : أن أردت السنة فقصر واجعل التحليق في يوم العيد …وبعد نقاش وأخذ ورد اقتنع الرجل جزاه الله خيرا … ثم سألته من أين البلاد أنت ؟ فقال : من لبيبا
ثم سألني وأنت من أين ؟ فقلت : من الإمارات
ثم خرجت من الحلاق بعد التقصير فجاءني الرجل وقال : أنت الكمالي ؟!
فقلت : نعم
فقال : عذرا لم أعرفك بملابس الإحرام ، وأنا أتابع بعض المحاضرات في التلفاز !
فشكرته وهذا كله من فضل الله وكرمه وجوده وإحسانه
والحج يربي في المسلم تحقيق المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقد يقول قائل : لماذا الطواف سبعة أشواط والسعي كذلك وكذلك رمي الجمرات ؟
:فالجواب
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )
وجاء يوم التروية وأحرمنا بالحج … وقدر الله أن ذهبتُ مع حملة أخرى وفارقت زملائي إلى جماعة من أفاضل الناس ، وجدتُ منهم حرصا على التعلم والسؤال ، توجهنا لعرفة ووصلنا وقت الضحى
ثم بعد الزوال أكثر الناس من الذكر والدعاء خاصة قول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
وبعد الغروب دفعنا إلى مزدلفة صلينا بها ثم نمنا إلى الفجر ، وأحد الإخوة ضبط وقت الأذان فلم يأذن لنا جزاه الله خيرا إلا بعد دخول الوقت ، وقد وجدت بعض الناس يستعجلون الأذان والصلاة قبل الوقت ! بسبب العجلة وهذا لا يجوز
مكثنا إلى قبيل الشروق ثم توجهنا إلى مكة للطواف والسعي وكان الأمر في غاية التيسير
وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج … وقد رأيتُ بعض الناس – من شدة التعب – يقطع هذا الطواف بالحديث والكلام وهذا أمر ينبغي أن يُبتعد عنه ، فالطواف ينبغي أن نكثر فيه من الذكر والدعاء … وطواف الإفاضة لا رَمل فيه ولا اضبطاع وقد نبهت مجموعة كبيرة من الحجاج على هذا الأمر فالحمد لله على كرمه وفضله وجوده وإحسانه
ثم ذهبت لرمي الجمرات والحلق وكان الأمر ميسرا سهلا ولله الحمد والمنة
وجاءت أيام التشريق وجلسنا مع الإخوة مجالس لا تسل عن حسنها ، نتعاون فيها ونتناصح فيها ، فيها نقاش وحوار حسن وجميل
وقد رأيت بعض الإخوة من الشيوخ الكرام والأسر الحاكمة في الإمارات في تواضع عظيم جزاهم الله خيرا
ومن عجائب المواقف في الحج أني رأيتُ مجموعة من عوام الناس في حملتنا لم يتركوا المصحف إلا قليلا ، جل وقتهم في قراءة القرآن ، في عبادة وهمة عجيبة قل أن أرى مثلها في الحج
وأيضا وجدت من الإخوة حرضا على السؤال عن مسائل الشرع والدين وحرصا على تطبيق السنة فالكل يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خذوا عني مناسككم
جاءني أحد العوام فقال : تعلمتُ دعاء لن أتركه ، فقلت له ما هو ؟
فقال : اللهم اهدني وسددني
وهذا الدعاء علمه النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم كما ثبت في صحيح مسلم
وجاءني أحد الأفاضل فقال : تعلمت من الحج شيئا مهما فقلت له وما هو ؟
قال : تعلمت أن العبادة كلها لله فلا يجوز صرف شيء منها للأولياء وغيرهم ثم رجعنا إلى الإمارات بخير وصحة وعافية وفضل فالحمد لله رب العالمين
زملائي في هذه الرحلة المباركة
اشكر لكم جهدكم في خدمة الحجاج وأخص بالشكر الإخوة الكرام : محمد سهيل المهيري ومحمد الظاهري وأحمد العريدي وفهد الهاجري وعمر أستاذي وعبدالله بونقيرة وغيرهم فجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول
…ربي لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، فلك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
والله الموفق