مما يتميز به المسلم تعامله مع الابتلاءات والحوادث والنوازل تعاملا صحيا يعكس الإيمان المتربع على عرش قلبه، لأنه يستمد ذلك من النصوص الشرعية، فهو يعلم أنه ما من شيء يحصل في هذا الوجود إلا وهو بقدر الله وأن لله تعالى الحكمة البالغة في ذلك، وأن ما في طيات هذه المحن من المنح والعطايا ما يربو على الآلام والبلايا.
ومع هذا اليقين الراسخ يعلم المسلم أن ما شاء الله كان لا محالة، وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، وهذا التفسير الإيماني لدى المسلم يجعله دائما متوازنا في التعاطي مع الأزمات بجميع أشكالها، فمع توكله على الله تعالى وتفويض الأمر إليه، يسعى في بذل الأسباب الطبيعية والشرعية في التعامل مع هذه الأزمات.
أما الأسباب الشرعية فتكون باللجوء إلى الله والتضرع إليه ودعائه متخذين من قول الله تعالى: {وإذا مرضت فهو يشفين} قاعدة تشير إلى عظيم قدر التوكل في قلب المسلم، وأن القلق والخوف من المجهول يتحطم على صخرة هذا التوكل الكبير، ولديه يقين راسخ من خلال النصوص الشرعية، والتي ترجمتها السوابق التاريخية للأحداث والأزمات: بأن الفرج يكون بعد الشدة، وأن الأزمات دائما بتراء، وأن مع العسر يسرا.
حينما نتأمل في كلام العلماء في الأزمات نجد أن أحكامهم في الغالب مبنية على ما يقرره أهل الاختصاص من الأطباء والخبراء الصحيين، في إشارة إلى عظمة هذه الشريعة، ومرونتها.
وحينما نتأمل في كلام العلماء في الأزمات نجد أن أحكامهم في الغالب مبنية على ما يقرره أهل الاختصاص من الأطباء والخبراء الصحيين، في إشارة إلى عظمة هذه الشريعة، ومرونتها وأنها صالحة ومصلحة لكل زمان ومكان مستصحبين القواعد الشرعية الكبرى “الضرر يُزال” وقاعدة” المشقة تجلب التيسير” وقاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” وقاعدة “الأصل في الأنفس العصمة”، وقد رتبوا عليها جملة من الأحكام اقتضتها هذه الجائحة، من ترك المصافحة، وضرورة البقاء في المنازل، والحرص على التباعد الاجتماعي، واستعمال الوسائل الصحية والتي تمنع العدوى.
بل ذهب العلماء إلى أبعد من هذا حينما أفتوا بترك صلاة الجمعة والجماعة والتي هي فريضة، وتمثل قيمة عظيمة عند المسلمين، ومصلحتها ظاهرة لا تخفى، وذلك درءا لمفسدة أعظم وهي العدوى التي يتسبب بها هذا الفيروس، وقد أظهرت بلادنا وجها حضاريا طالما تميزت من خلاله على كثير من الأمم حينما كان ولاة الأمر يبعثون رسائل طمأنة لكل من يعيش على هذه الأرض على أن لا يقلقوا من حيث الجوانب الصحية والغذائية، وأن أهم شيء الالتزام بالتوجيهات والإرشادات الصحية.