إن من الأحكام الشرعية التي ينبغي للصائم أن يتعلمها، الأمور التي لا تؤثر على صيامه، ويباح له أن يفعلها، حتى لا يوقع نفسه في الحرج ويشدد عليها، ويعلم أن دين الله يسر، فمما لا يؤثر على الصيام ويباح للصائم أن يفعله ما سيأتي
:السواك للصائم
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ»([1
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»([2])، وهذا يشتمل كل الصلوات.
وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم «يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ» مَا لاَ أُحْصِي أَوْ أَعُدُّ”([3
ومثل السواك معجون الأسنان، ولكن يتحرز الإنسان من دخول شيء إلى جوف
:ومما يباح للصائم المضمضة والاستنشاق بشرط عدم المبالغة
فعن لَقيط بن صَبُرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»([4
وهذ فيه أن الصائم لا يبالغ في الاستنشاق ومن باب أولى المضمضة، خشية نزول الماء إلى جوفه، فإن غلبه فلا شيء عليه عند أكثر العلماء
:ومما يباح للصائم الغسل والتبرد للصائم
عن أبي بكر بن عبدالرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لقد رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ”([5
والعرج: قرية على بعد أيام من المدينة
:ومما يباح للصائم: الصائم يصبح جنبا
عن عائشة وأم سلمة: ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ»”([6
قال ابن حجر: “الجمهور على الجواز مطلقا”([7
والحائض والنفساء كذلك إذا انقطع الدم من الليل جاز لهما تأخير الغُسل إلى الصبح وأصبحتا صائمتين, ثم عليهما أن تتطهرا للصلاة
:ومما يباح للصائم الحجامة
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَائِمٌ»([8
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَرْخَصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ»([9
قال ابن حجر رحمه الله : “وأما الحجامة فالجمهور على عدم الفطر بها مطلقا”([10
ولكن تكره إن خشي الصائم على نفسه ضعفاً: فعن ثابت البناني قال: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه : أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: «لاَ، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ»([11
ومثل الحجامة فحص الدم إذا احتاج الإنسان إليه في أثناء الصيام، وكذا التبرع بالدم إذا لم يؤد إلى الضعف قياسا على الحجامة، والأفضل أن تؤخر هذه الأمور إلى بعد الإفطار إن أمكن، والله تعالى أعلم
:ومما يباح للصائم تذوق الطعام للحاجة
قال ابن عباس : “لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ القِدْرَ أَوِ الشَّيْءَ”([12
قال ابن تيمية رحمه الله: “وذوق الطعام يكره لغير الحاجة، لكن لا يفطر، أما للحاجة فهو كالمضمضة”([13
وهذا مقيد بعدم دخوله الحلق، وإنما بطرف اللسان ثم يمجه
نقف إلى هنا ونكمل بقية المباحات في المقال القادم إن شاء الله تعالى، والحمد لله رب العالمين
([1]) رواه أحمد، وعلقه البخاري في الصحيح بصيغة الجزم.
([2]) رواه أحمد وأهل السنن الأربعة.
([3]) رواه أحمد، والبخاري معلقا بصيغة الجزم، وأبوداود، وابن خزيمة.
([4]) رواه ابن ماجه وأبوداود.
([5]) رواه أبوداود.
([6]) متفق عليه.
([7]) فتح الباري 4/143.
([8]) رواه البخاري.
([9]) رواه النسائي في الكبرى، وابن خزيمة، والدار قطني، والبيهقي، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ.
([10]) فتح الباري 4/174.
([11]) رواه البخاري.
([12]) صحيح البخاري 3/30.
([13]) مجموع الفتاوى 25/266.