:الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد
يقول الله تعالى: { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187
هذه الآية فيها وقت انتهاء الصوم، فإذا دخل الليل أفطر الصائم، والليل يدخل بغروب الشمس، فعن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن أبيه t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ»([1
وهذا أمر يتحقق بعد غروب قرص الشمس، وإن كان ضوؤها ظاهرا
:وهذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته
فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان صائما أمر رجلا فأوفى على شيء، فإذا قال: غابت الشمس، أفطر”([2
فالليل يدخل بعد مغيب قرص الشمس فورا
فعن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ: «يَا فُلاَنُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا» ، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» ، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ
وفي رواية: وَقَالَ: «وَلَوْ تَرَاءَاهَا أَحَدٌ عَلَى بَعِيرِهِ لَرَآهَا، يَعْنِي الشَّمْسَ، ثُمَّ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ» قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ»([3
وقال البخاري رحمه الله: “وأفطر أبو سعيد الخدري حين غاب قرص الشمس”، “وكان ابن عباس يبعث رجلا إذا غابت الشمس أفطر”([4
ولذلك لا يصح لأهل الأبراج الشاهقة، أو من يكون في الجو، أن يفطر على أذان من هم على سطح الأرض، إذا كانت الشمس لم يغب قرصها، فالعبرة بغروب الشمس
:وتعجيل الفطر علامة خير في الناس
فعن سهل بن سعد رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»([5
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ، لِأَنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ»([6
والسنة في الإفطار أن يبدأ فيه بالرطب، فإن لم يكن فالتمر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ»([7
وفي رواية: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الرُّطَبُ لَمْ يُفْطِرْ إِلَّا عَلَى الرُّطَبِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الرُّطَبُ لَمْ يُفْطِرْ إِلَّا عَلَى التَّمْرِ»([8
وأما الذكر عند الإفطار، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»([9
وأما حديث: كان إذا أفطر قال: «اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ» فهو حديث ضعيف لا يصح
([1]) متفق عليه.
([2]) رواه ابن حبان وابن خزيمة والحاكم.
([3]) متفق عليه.
([4]) صحيح البخاري 3/36- 172.
([5]) متفق عليه.
([6]) رواه أحمد وأبوداود.
([7]) رواه عبد بن حميد.
([8]) رواه أحمد وأبوداود.
([9]) رواه أبوداود والنسائي في عمل اليوم والليلة والدارقطني في السنن.