نشرت في صحيفة الإمارات اليوم بتايخ 13/4/2013
في الغالب لا تنزل دموع الرجل إلا إذا مر بظروف صعبة للغاية من الحزن والألم أو الشعور بالظلم والقهر، وهذا أمر طبيعي فطري جبل عليه الرجال، ومن خلال تعاملي اليسير مع الناس وجدت أن من أسباب نزول دموع الرجل في أيامنا خاصة سوء معاملة زوجته له، لا تستغربوا أيها الأحبة الكرام من كلامي هذا، فكلامي ليس هجوماً على النساء بل عنيت به تشخيص مشكلة واقعة يعانيها بعض الرجال في مجتمعنا، والمجتمعات الأخرى معاناة شديدة، فكثيراً ما نسمع عن حقوق الزوجة على زوجها، ولكن من الضروري أيضاً أن نذكر أخواتنا بحقوق الزوج على زوجته، لأن المرأة إن أرادت أن تحول بيتها إلى سكن وسكينة وأمن وحب وحنان تمكنت من ذلك، وإن أرادت أن تحول بيتها إلى عكس ذلك، فإنها تقدر على ذلك أيضاً بأيسر طريق وأسهله.
لا تظنوا -رعاكم الله- أن نزول دموع الرجل لسوء معاملة زوجته له سببه ضعف شخصية الزوج! فأحيانا يحاول بعضهم بشتى الحلول والطرق أن يصلح من سلوك زوجته، ولكن من دون نتيجة واضحة، وقد يكون فراق هذه الزوجة مستحيلاً بسبب ظروف معينة، كالخوف من ضياع الأبناء أو غير ذلك، فعندما يعاني بعضهم إهانات زوجته له في الصباح والمساء، أو تكبرها عليه بسبب عملها أو شهادتها أو منصبها أو إنها تمن عليه بمالها أو تشتم أهله، وأحياناً قد يصل الموضوع إلى إهانة للزوج أمام أهله أو أهلها أو في الأماكن العامة، وقد يتطور الموضوع إلى طرد من المنزل، كما حدثني أحدهم عن زوجته، خصوصاً إذا كان المنزل باسمها، وقد يصل الموضوع في بعض الأحيان إلى تعرض الزوج للضرب على يد زوجته، وتحريض الأبناء بالتمرد عليه، فهنا يكون ألم الزوج كبيراً للغاية، ولكم أن تتصوروا حياة هذا الزوج، خصوصاً إذا رجع من عمله إلى بيته، ثم وجد تعاملاً بهذه الطريقة السيئة!
إن المرأة العاقلة تعلم جيداً أن إسعاد هذا الزوج باب عظيم للأجر والثواب، وفي نهاية المطاف هو زوجها الذي يشاركها حياتها، إنه والد الأبناء، وتوأم الروح، فإكرامه وحسن الخلق معه فيهما من الأجر والحسنات الشيء الذي لا يعلم به إلا الله وحده، تُظهر احترامها له ولو كانت شهادته أقل من شهادتها، وتظهر إكرامها له ولو كان ماله أقل من مالها، فالحياة الزوجية مودة ورحمة بين الطرفين، لا تنادي زوجها إلا بأحسن الأسماء، ولا تتكلم معه إلا بأحسن أساليب الكلام، وتخفف عنه وتواسيه، وتحزن لحزنه وتفرح لفرحه، متذكرة كيف كانت خديجة رضي الله عنها، في برها وإحسانها وعطفها وحنانها على نبينا صلى الله عليه وسلم، لذلك بشرت بالأجر العظيم من ربنا الكريم.
لقد مرت عليّ حالات وحالات تساقطت فيها دموع النساء، ولكن من أصعب المواقف التي مرت عليّ رؤية دموع الرجل.