:الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد
أخي المسلم: ها هي نفحة من نفحات ربنا قد أقبلت، شهر كثيرة فضائله، عظيمة خيراته، من سلم له سلمت له سائر السنة، ومن حرم خيره حُرم الخير بأكمله، وقد كان أوائل الأمة يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، وكان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا، ألا وإن من أهم ما يُستقبل به شهر رمضان المبارك
:التوبة النصوح وتصفية القلوب
“وقد جاءت الإشارة إلى هذا بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث النصف من شعبان: “في ليلة النصف من شعبان يغفر الله عز وجل لأهل الأرض إلا مشرك أو مشاحن
»وفي رواية: «إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه
فترك هذه الأمور في شعبان: تهيئة لاستقبال رمضان
:الاستبشار بقدومه
عن أنس بن مالك، قال دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم»([3
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ»([4
:تعلم أحكامه
والعلم أساس العمل، وإذا أراد الله بعبده خيرا فقهه في دينه، والحكمة من الصيام: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، والتقوى: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، وهو العلم، فمن عمل في صيامه بمقتضى العلم نال الحكمة منه وهي التقوى.
“والحاجة إلى العلم عظيمة، قال الإمام أحمد رحمه الله: “الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب، لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين، والعلم يُحتاج إليه بعدد الأنفاس
:الدعاء عند رؤية الهلال
فطلحة بن عبيد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: «اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ»([5
:التبريك عند دخوله
لا بأس بالتبريك والتهنئة لدخل رمضان، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: «أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ»([6
قال ابن رجب: “قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان”([7
واعلم أخي أن إدراك رمضان فضل من الله تعالى ونعمة وفقك الله إليها، فاستغله لما يبقى، وتزود من الخير والتقوى، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم»([8
([1]) رواه البيهقي في الشعب.
([2]) رواه البيهقي في الشعب، والطبراني
([3]) رواه ابن ماجه.
([4]) رواه النسائي.
([5]) رواه الترمذي.
([6]) رواه أحمد والنسائي والبيهقي.
([7]) لطائف المعارف ص(279).
([8]) رواه الطبراني في الكبير ح(720)، قال الهيثمي في المجمع (10/231): رواه الطبراني، وإسناده رجاله رجال الصحيح غير عيسى بن موسى بن إياس بن البكير، وهو ثقة. وحسنه الألباني في الصحيحة ح(1890).