الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد
قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: ” فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ” سورة النور: 63
يقرر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أنّ من أسباب وقوع الفتن مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم بترك أمره أو فعل نهيه
ولعل من الأحداث والأمثلة التي تبين هذا الأمر ما وقع للصحابة رضوان الله عليهم في غزوة أحد، حيث خالف الرماة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يلزموا أماكنهم على الجبل ولا ينزلوا منها مهما جرى من أمر، ولكنهم لما رأوا هزيمة المشركين، تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه، وقالوا: يا قوم الغنيمة. فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يسمعوا، وظنوا أن ليس للمشركين رجعة
فماذا كانت النتيجة ؟
أحاط المشركون بالمسلمين، وقتلوا منهم سبعين شهيدا، وجُرح النبي صلى الله عليه وسلم وسال الدم من وجهه، وأشيع أنه قتل، وفر بعض الجيش، ووقعت فتنة عظيمة
ما السبب ؟
مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
والناظر في الفتن التي وقعت في بلاد المسلمين المعروفة ببلاد الربيع العربي يرى أثر مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا
فالشريعة حرمت الخروج على الحاكم المسلم عدلا كان أو ظالما جائرا فاسقا، وأمرت بالسمع والطاعة لمن ولاه الله أمر المسلمين ما لم يأمر بمعصية، حقنا لدماء الرعية، وحفظا لأموالهم، وصيانة لدينهم وأعراضهم
ووضعت للخروج على الحاكم الكافر شروطا وموانع، لا يجوز الخروج عليه إلا بتحقق هذه الشروط وانتفاء هذه الموانع، ولكن لما خالفت الشعوب هذه السنة النبوية المتواترة وقعت في الفتن التي نعايشها ونرى أثرها
والعلاج يمكن في رجوع المسلمين حكاماً ومحكومين إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فنهضة الأمة والدول لن تتحقق إلا باتباع السنة
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه