:الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
:فهذا المقال مكمل للمقال السابق في أحكام العيد، فأقول وبالله التوفيق
إن صلاة العيد من أعظم شعائر الإسلام، ولذلك لازم النبي صلى الله عليه وسلمفعلها منذ شُرِعَت، وكذلك خلفاؤه والمسلمون بعده
ولقد تعددت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم بالأمر بالخروج لصلاة العيد، حتى إنه صلى الله عليه وسلمأمر بإخراج النساء جميعاً، حتى الحُيَّضَ وذوات الخدور، فعن أم عطية رضي الله عنها قالت: “أَمَرَنا رسولُ اللهِصلى الله عليه وسلم أن نُخْرِجَ في الفطر والأضحى: العواتقَ، والحُيَّضَ، وذواتِ الخدور، فأما الحُيَّضَ فيعتزلن الصلاةَ ويَشْهَدْنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين”
قالت أمُّ عطيَّة:“قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب”، قال: «لتُلْبِسْها أُخْتُها من جلبابها»([1
وعن عمرة بنت رواحة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَ الْخُرُوجُ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ([2])» يَعْنِي فِي الْعِيدَيْنِ([3
وأمّا صفة صلاة العيد: فهي ركعتان، يُكبِّرُ في الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الافتتاح، ويُكبِّر في الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الانتقال، وترفع الأيدي مع كل تكبيرة، وهذه التكبيرات الزوائد: سُنَّة وليست بواجبة
:وأما القراءة فيها
فعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عمر بن الخطاب، سأل أبا واقد الليثي، ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الأضحى والفطر؟ قال:«كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ»([4
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ، وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ»([5
والسنة في خطبة العيد: أن تكون بعد الصلاة
ومن فاتته صلاة العيد، فإنه فيُشرعُ له أن يُصلِّيَها ركعتين في منزله كصلاة الإمام، وإن ترك التكبيرات الزوائد فلا حرج عليه، قال الإمام البخاري في صحيحه: “باب إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ”
وأمّا التهنئةُ بالعيد: فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ورُوِّينا في “المحامليات” بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال: “كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك”([6
ويُشرع في العيدُ: إظهار الفرح والسرور، والتوسعةُ على الأهل والعيال، والترويحُ عن النفس، وغير ذلك ممّا يقوّي أواصر المحبّة والمودّة بين المسلمين
([1]) متفق عليه.
([2]) “وهو أن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها، وترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال؛ لئلا تعثر في ذيلها”. النهاية في غريب الحديث (5/75).
([3]) رواه أحمد والطيالسي والدارمي والبيهقي في السنن وغيرهم.
([4]) رواه مسلم.
([5]) رواه مسلم.
([6]) فتح الباري (2/446).