: هذا الدرس مكمل لما مضى مما لا يؤثر في الصيام
:فمن ذلك
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ»([1
وفي رواية: «يُقَبِّلُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ صَائِمٌ»([2
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهقال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هَشَشْتُ، فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا قَبَّلْتُ، وَأَنَا صَائِمٌ، قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنَ الْمَاءِ، وَأَنْتَ صَائِمٌ»، قُلْتُ: لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: «فَمَهْ»([3
هذا إذا كان الإنسان مالكا لنفسه وشهوته، وأما من لا يضمن نفسه خاصة الشباب فلا يرخص له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه “أن رجلا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، «فَرَخَّصَ لَهُ»، وَأَتَاهُ آخَرُ، فَسَأَلَهُ، «فَنَهَاهُ»، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ”([4
:أما الادهان
فقال ابن مسعود رضي الله عنه: “إذا كان يوم صوم أحدكم فليصبح دهينا مترجلاً”([5
قال ابن تيمية رحمه الله: “والادهان لا يفطر بلا ريب”([6
:وأما الطيب والبخور
فالراجح كذلك، قال ابن تيمية رحمه الله: “معلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور، فلو كان هذا مما يفطر لبينه صلى الله عليه وسلم كما بين الإفطار بغيره، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف و يدخل في الدماغ و ينعقد أجساما، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة، فلما لم يَنْـهَ الصائم عن ذلك دلّ على جواز تطييبه وتبخيره وادّهانه وكذلك اكتحاله”([7
وقال البخاري رحمه الله: “ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأسا”([8
وهي إما: قطرة عين: والراجح أن قطرة العين لا تفطّر مطلقا؛ لأن العين ليست منفذاً للجوف، وكذا مرهم العين من باب أولى، لأنه جامد
وإما قطرة أذن: وهي كقطرة العين لا تفطر
وإما قطرة أنف: وهي مفطرة لا يجوز استعمالها، لأن الأنف منفذ للجوف، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»([9
:10 ومما يباح للصائم الإبرة
الراجح أن جميع الإبر لا تؤثر في الصيام إلا التي يقصد بها التغذية، فإذا احتاج المريض إلى إبرة جاز له استعمالها عند كثير من العلماء لعدم مشابهتها للأكل و الشرب إلا إبرة الوريد فالأحوط تركها، وكذا إبرة التقيؤ فحكمها حكم القيء المتعمد
قال العلماء: لا بأس بها، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، والشارع إنما حرم علينا الأكل والشرب، فما قام مقام الأكل والشرب أعطي حكم الأكل والشرب وما ليس كذلك فإنه لا يدخل فيه لفظاً ولا معنى، فلا يثبت له حكم الأكل والشرب
فالتحاميل أقراص جامدة تمتص في مكانها بواسطة الأوردة الدموية، ولا يصل إلى المعدة منها شيء. كما يباح للصائم مالا يمكن الاحتراز منه، كبلع الريق، وغبار الطريق
ومما يباح من الأمور المعاصرة: منظار المعدة للصائم، وبخاخ الربو، وغاز الأكسجين أو قناع الأكسجين، والأشعة على الجسم، واللاصقات التي توضع على الجلد للتداوي، وقلع الأسنان، وأقراص الذبحة الصدرية، ونحو ذلك
هذا ما لزم التنبيه عليه، والحمد لله رب العالمين
([1]) متفق عليه.
([2]) رواه مسلم.
([3]) رواه أبوداود وابن حبان.
([4]) رواه أبوداود.
([5]) صحيح البخاري 3/30.
([6]) مجموع الفتاوى 25/267.
([7]) مجموع الفتاوى 25/241-242.
([8]) صحيح البخاري 3/30.
([9]) رواه ابن ماجه وأبوداود.