إن يوم الجمعة هو خير يوم طلعت عليه الشمس، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وهو سيد الأيام وأعظمها عند الله تعالى، جعله الله عيدا للمسلمين، فيه ساعة الاستجابة، وتكفير السيئات، من قرأ فيه سورة الكهف أو في ليلته أضاء له نور ما بينه وبين البيت العتيق، ومن مات في يومه أو في ليلته وقاه الله فتنة القبر، ومن أتى بأحكامه وآدابه غفر له ما بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام.
وهذه الفضائل وغيرها تدل على عظم مكانة هذا اليوم ورفعة قدره، ولذلك امتن الله به على أهل الإسلام وخصهم به، قال صلى الله عليه وسلم: «أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، فَكَانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، فَجَاءَ اللَّهُ بِنَا فَهَدَانَا لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ»
قال ابن القيم رحمه الله: “وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره”([2
:فمن هذه العبادات والأحكام
:المحافظة على صلاة الفجر جماعة
»قال صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ اللهِ صَلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ»
ويستحب للإمام أن يقرأ فيها بسورتي السجدة والإنسان كاملتين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يديم قرائتهما.
:استحباب الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة وليلتها
»فعن أوس بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ
:قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها
»فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ
»وفي رواية: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ
:الاغتسال والسواك والطيب
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ»
وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ عِيدًا فَمَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ, وَإِنْ كَانَ لَهُ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ, وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ»
:لبس أحسن الثياب
قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ، ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا»
التبكير إلى الجمعة:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَيَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ إِلَى الْجُمُعَةِ، كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي كَبْشًا، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي دَجَاجَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ وَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، طَوَوْا صُحُفَهُمْ، وَجَلَسُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ »
:الدنو من الإمام وعدم التفريق بين الناس وتخطي رقابهم والانشغال بالصلاة والإنصات
فعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احْضُرُوا الْجُمُعَةَ، وَادْنُوا مِنَ الْإِمَامِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَخَلَّفُ عَنِ الْجُمُعَةِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَخَلَّفُ عَنِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِهَا»
وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال النبي الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى»
هذه بعض أحكام هذا اليوم العظيم، وأسأل الله تعالى أن يمن علينا بالعلم النافع والعمل الصالح.