نشرت في صحيفة الإمارات اليوم بتاريخ 15/2/2014
منذ أن فتحنا أعيننا على الدنيا نعرف فلانا وفلانة فهم بالفعل كانوا ولا زالوا معنا ولكننا نسيناهم ولم نعد نتذكرهم وللأسف الشديد ، لأننا نجد الأوقات الكثيرة لكل شيء ولا نريد أن نجد وقتا لهم ، إنهم كبار السن الذين كانوا يقدمون لنا الكثير فيما مضى ولا ينتظرون منا الآن بعد أن تتابعت على بعضهم الأمراض والأسقام إلا زيارة قصيرة أو اتصالا لن يستغرق إلا دقائق معدودة ، ونحن بتقصيرنا معهم نحرم أنفسنا من أجور وحسنات عظيمة ، فمهما كان كلامهم مكررا واسترجاعهم لذكريات الماضي مملا فلا بد علينا أن نعرف أن ديننا العظيم أمرنا بتوقيرهم والإحسان إليهم ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا ” وقال أيضا : ” إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ” فلو خصصنا شيئا من أوقاتنا للجلوس معهم وتسليتهم فهؤلاء الكبار كانوا ولا زالوا يوزعون عطفهم وحنانهم على الجميع ، والآن أصبح الصغار يفرون منهم ولا يرغبون بالجلوس معهم ، فإن جلسوا معهم انشغل بعض الشباب بهواتفهم عن الحديث والاستماع إليهم ، ولن نعرف قدر هؤلاء إلا بعد رحيلهم عن الدنيا فنتذكر بعد ذلك سيرتهم وكلامهم العذب ونظرتهم البسيطة للحياة ، وإذا كنا نرى حكامنا على كثرة مشاغلهم يحرصون على زيارة بعض كبار السن ويظهرون لهم شيئا عظيما من التواضع والانبساط ويلبون دعوتهم فما بالنا نرى بعضهم يتناسى كبار السن ويفر منهم بحجة كثرة المشاغل بينما هو يشتكي لزملائه كثرة أوقات الفراغ !!
أيها الأب الكريم ذكر أولادك بتوقير كبار السن وإظهار الاحترام لهم وحثهم على صلتهم والجلوس معهم وألزمهم بالحضور معك في بعض زياراتك لهم ، فإن في ذلك تربية عظيمة لهم على حسن الخلق والإحسان للناس والذي سينفعهم في دينهم ودنياهم بإذن الله ، وينبغي على كل واحد من الزوجين أن يذكر الآخر بأهمية الإحسان لكبار السن من الأرحام والأقارب ، فالرجل يذكر زوجته بصلة النساء الكبيرات وتقديم شيء من الهدايا لهن فكم يفرحهن ذلك جدا ، والمرأة تحث زوجها على صلة كبار السن من أرحامه وجماعته وتقديم شيء من الهدايا لهم ، وعيادتهم في المستشفى إذا مرضوا ومشاركتهم الأفراح والأتراح وإظهار المودة والاحتفاء بهم والدعاء لهم فالكملة الطيبة تؤثر في نفوس كبار السن جدا ، بل بعضهم يبكي والله فرحا إذا وجد إحسانا من الناس وليس هذا البكاء بسبب حاجته للناس ولكن الإنسان كلما كبر في السن رقت مشاعره وتأثر بأيسر الأمور ، وسيأتي علينا يوم نشعر فيه جيدا بمشاعر كبار السن فالشباب لن يدوم لأحد فلنحسن لهم ولا ننساهم.