نشرت في صحفية الرؤية بتاريخ 12/11/2013
من أسماء الله الحسنى (الرحمن والرحيم) لذلك جاءت أحكام الشرع والدين برحمة عظيمة للخلق، فالإسلام يريد منا أن نعيش في فرح وسرور وأن نبتعد عن الهموم والمنغصات، ومن المسائل التي يعاني منها بعض الناس (الوسوسة) خصوصاً فيما يتعلق بمسائل الطهارة والصلاة أو مسائل الطلاق أو مسائل الإيمان بالله فيلبس عليهم الشيطان فيصور لهم أنهم لم يأتوا بالوضوء على الوجه الصحيح أو لم يصلوا صلاة صحيحة ثم يبدأ الإنسان بتكرار الطهارة والصلاة تكراراً متعباً، بل بعضهم لا يتمكن من أداء الصلاة حتى يخرج وقتها.
ومرت علي بعض الحالات وسوس بعضهم في موضوع الطلاق فهو يشك في كل لحظة أنه طلق زوجته! وقد يعظم تلبيس الشيطان فيتسلط على بعضهم في مسائل الإيمان بالله فيبدأ الإنسان بالتفكير بطريقة غير سليمة ويسيء الظن بنفسه ويظن بأنه كافر بالله العظيم وهو لم ينطق بحرف واحد يخالف دين الله، فالمسألة كلها حديث نفس سببه تلبيس الشيطان على الإنسان. والكلام عن الوسوسة ليس من باب المبالغة أو تهويل الأمور، بل مرت علي حالات كثيرة لأشخاص يعانون معاناة عظيمة جداً مع الوساوس.
إن علاج هذه الوسوسة قد يكون دوائياً في حالات معينة فقد تصبح الوسوسة مرضاً نفسياً خطيراً، وفي حالات أخرى لابد من تفهم وضع الموسوس ونصيحته بترك هذا التفكير الخطأ، وأفضل علاج للوسوسة هو تجاهل هذه الوساوس فمن تجاهلها ارتاح جداً ومن استرسل معها زاد تسلط الشيطان عليه وفي الحديث الصحيح: «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول من خلق ربك، فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته»، فهذا الحديث العظيم ينص على عدم الاسترسال مع هذه الوساوس وأهمية قطعها. فإذا شك الإنسان هل توضأ وضوءاً كاملاً فعليه إن كان هذا الأمر متكرراً معه في كل يوم وليلة بالإعراض عن هذا الشك، فلا يعقل أن يشك الإنسان مع كل وضوء هل أتمه أم لا.
وإذا تكرر شك الإنسان في كل صلاة هل أتمها أم لا، فعليه بالإعراض عن هذه الوسوسة فلا يعقل أن ينسى الإنسان ركعة كاملة أو ركوعاً أو سجوداً في كل ركعة أو في كل صلاة يصليها. ومن الخطأ الذي يفعله بعضهم أن يسجد بعد كل صلاة للسهو بزعم الاحتياط، وهذا أمر ليس عليه دليل في الكتاب أو السنة، وإذا عرضت للإنسان وساوس في مسائل الإيمان بالله فليعرض عنها، فكم سمعت بعضهم يتصل ويبكي من شدة خوفه من الله، فقد لبس عليه الشيطان بأنه نطق بكلام لا يليق وأساء الأدب مع الله! فأنبه المتصل أو المتصلة بأنه على الإيمان والخير إن شاء الله، ولكنه استرسل مع تلبيس الشيطان عليه.
ومن جميل الفوائد عند الكلام على الوسوسة هذه الجملة الطيبة التي ذكرها ابن قيم الجوزية: ” ثم ليعلم أن الصحابة ما كان فيهم موسوس، ولو كانت الوسوسة فضيلة لما ادخرها الله عن رسوله وصحابته وهم خير الخلق وأفضلهم “.
ومن أخطاء بعض من يبتلى بالوسوسة أنه لا يقتنع بالحل والجواب بسبب خوفه من عدم صحة الجواب فيسأل عشرات الأشخاص وكلهم جوابهم واحد، ولكنه يصر على عدم قبول الجواب!
ومن أخطاء الناس في التعامل مع الموسوسين السخرية والاستهزاء وهذا أمر لا يجوز فقد يبتليك الله ويعافي المبتلى.