نشرت في صحيفة الإمارات اليوم بتاريخ 1/6/2013
( المال عصب الحياة ) أصبحت هذه الكلمة في أيامنا خصوصاً لها جانب كبير من الصحة والصدقية، فنعمة المال من نعم الله العظيمة على الإنسان، فبالمال يصون الإنسان وجهه عن سؤال وطلب الناس، وبالمال ينفق على نفسه وأسرته وأقاربه وعلى الفقراء والمساكين، لذلك ذم الله من يبذر ويسرف لما في ذلك من تضييع لهذه النعمة، وجاءت نصوص السنة ببيان خطورة إضاعة المال، وليس الكلام عن خطورة إضاعة المال بسبب الشح والبخل به، بل الكلام من باب شكر نعم الله، ومراعاة هذه النعمة واستخدامها بشكل أفضل وأمثل.
ومن صور إضاعة المال التي ابتلي بها بعض شبابنا خصوصاً «الاقتراض»، فشعار بعضهم وللأسف الشديد «اديّن وازيّن»، وهذا الشعار جعل بعضهم، رغم راتبه القوي، يعيش في وضع مادي لا يناسب أبداً راتبه من ناحية الأمور الأساسية، فالراتب يذهب إلى أقساط شهرية بسبب قروض شخصية، ولو سألت معظم من يأخذها من الشباب عن الدافع لهذه القروض، لوجدت أنها دوافع يمكن أن تجمعها هذه الكلمة فقط «الرفاهية»، فعلى سبيل المثال: هذا الموظف الجديد لا يقبل أبداً أن يركب سيارة مستعملة أو سيارة جديدة تكلفه شيئاً يطيقه، فيصر على أن يشتري سيارة غالية الثمن جداً، فيظل أسيراً لهذه القروض سنوات وسنوات، من خلال أقساط شهرية تفني معظم راتبه، فهو قد ظن في بداية الأمر أن هذه السيارة ستكون سبباً لراحته وسعادته، ولكن حساباته لم تكن دقيقة، فبعد مرور سنوات تجده يشتكي تكاليف الحياة ويعيش في قلق عظيم جداً بين توفير مستلزمات الأسرة وبين هذه الأقساط الثقيلة.
وإذا تطورت الأمور ووصلت إلى تأخر في السداد، فهنا تكون الكلفة أكبر، فقد تتضاعف هذه الأقساط وقد تصل العملية إلى السجن في بعض الأحيان!
إن البنوك أيها الأحبة الكرام عبارة عن شركات تجارية تبحث عن الربح، فالحل الحقيقي لهذه المشكلة في يدنا نحن لا في يد البنوك، فلو اقتنع الواحد منا بما كتب الله له وسعى إلى التوفير من راتبه أو مضاعفة دخله بطرق مأمونة ومدروسة لتمكن من تحصيل ما يريد، فالثقافة المالية معدومة عند بعض الشباب وضعيفة جداً عند آخرين.
في بداية كل شهر حدد ما تريد، ثم قارن ذلك براتبك فاحذف الأشياء غير المهمة، فما كل ما يشتهيه المرء يشتريه، فبعض الأشياء لو أعطيناها حظها من التفكير لوجدنا أننا لا نحتاج إليها حاجة فعلية، فهنا لابد أن نتوقف عن شرائها، وبعضها يمكن تأجيله، وهكذا ستجد أنك لا تحتاج إلى الاقتراض لأجل هذه الأمور التكميلية، وستجد أن في راتبك كفاية كبيرة لو أحسنت التدبير والتفكير، فكم أتألم والله عندما أجد شاباً في مقتبل العمر والبنوك تطالبه بمبالغ كبيرة جداً، بسبب أنه أقنع نفسه أنه بحاجة إلى الاقتراض وهو في الواقع لا يحتاج إليه. وكم أتمنى من مختلف الجهات إقامة دورات في «ثقافة التدبير المالي»، حتى نصحح لكثير من شبابنا مفهومه ونظرته إلى الاقتراض.