إن من نعم الله الوافرة ، ومننه المتكاثرة ، ما حباه الله تعالى هذه الأمة من مواسم الخير المباركة ، وأيام البر المتلألئة ؛ التي من أعظمها شهر رمضان بأيامه الفاضلة ، الذي أشرق علينا بشذاه العاطر ، وهل علينا بثمره الوارف ، لنتعلم فيه الوحدة والإخاء ، والطهر والصفاء ، والخير والنقاء ، والبذل والعطاء ، في منظومة مضيئة ، تقول كل درة فيها
” لعلكم تتقون
جاء الوافد الحبيب ، والضيف الكريم ، يحمل في طياته العطايا والهبات ، والهدايا والكرامات ، إنه شهر مضاعفة الحسنات ، ورفعة الدرجات ، ومغفرة السيئات ، وإقالة العثرات ، ” إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة ، وغُلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين
في رمضان واحات البر ، وبساتين الخير ، تهجد وتراويح ، وذكر وتسبيح ، تلاوة وصلوات ، وجود وصدقات ، وأذكار ودعوات ، وضراعة ودمعات ، ” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
رمضان فرصة للمذنبين ، ومنحة للمفرطين ؛ ليعلنوا التوبة ، ويجددوا الصفحة ، فيا من أرهقته الذنوب ، وأرقته الكروب ، أقبل على علام الغيوب ، وردد عند الإشراق والغروب ، ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
شهر رمضان رسالة للموسرين ، أن يتذكروا المحتاجين ، ويشعروا بجوع الجائعين ، وأن يبحثوا عن الفقراء والمساكين ، بتفطير الصائمين ، وإعانة المعوزين ، فقد كان نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان كالريح المرسلة ، في البذل والصدقة
وحذار معاشر الأحبة أن نلطخ الصيام بالآفات ، أو أن نجرح روحانية الشهر بالمخالفات ، فليس الصيام مجرد الإمساك عن الطعام والشراب ، فالصوم صوم اللسان عن الغيبة والنميمة والبهتان ، وصوم الجوارح عن الذنوب والعصيان ، وفي الحديث : ” من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه
فيا باغي الخير أقبل ، وأدرك حقيقة الصيام وأسراره ، وتعلم آدابه وأحكامه ، وأعمر لياليه وأيامه ، واحذر من نواقضه ، وتجنب نواقصه ، واجعل هذه الأيام المعدودة ، في آفاق الخير المسطورة ، لتكون لك في يوم القيامة من الصفحات المشهودة